الأربعين النووية
نص الحديث شرح الحديث ترجمة الراوي فيديو الحديث

عَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: (مَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرَاً أَو لِيَصْمُتْ، وَمَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ، ومَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ) رواه البخاري ومسلم.

قوله: (مَنْ كَانَ يُؤمِنُ) هذه جملة شرطية، جوابها: (فَليَقُلْ خَيْرَاً أَو لِيَصْمُتْ) ، والمقصود بهذه الصيغة الحث والإغراء على قول الخير أو السكوت كأنه قال: إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر فقل الخير أو اسكت. قوله: (فَلَيَقُلْ خَيرَاً) اللام للأمر، والخير نوعان: خير في المقال نفسه، وخير في المراد به. أما الخير في المقال: فأن يذكر الله عزّ وجل ويسبّح ويحمد ويقرأ القرآن ويعلم العلم ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فهذا خير بنفسه. وأما الخير لغيره: فأن يقول قولاً ليس خيراً في نفسه ولكن من أجل إدخال السرور على جلسائه، فإن هذا خير لما يترتب عليه من الأنس وإزالة الوحشة وحصول الإلفة، لأنك لو جلست مع قوم ولم تجد شيئاً يكون خيراً بذاته وبقيت صامتاً من حين دخلت إلى أن قمت صار في هذا وحشة وعدم إلفة، لكن تحدث ولو بكلام ليس خيراً في نفسه ولكن من أجل إدخال السرور على جلسائك، فإن هذا خير لغيره. قوله: ( أو لِيَصْمُتْ) أي يسكت. قوله: (وَمَنْ كَانَ يُؤمِنُ باللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ) أي جاره في البيت، والظاهر أنه يشمل حتى جاره في المتجر كجارك في الدكان مثلاً، لكن هو في الأول أظهر أي الجار في البيت، وكلما قرب الجار منك كان حقه أعظم. وأطلق النبي الإكرام فقال: (فليُكْرِم جَارَهُ) ولم يقل مثلاً بإعطاء الدراهم أو الصدقة أو اللباس أو ما أشبه هذا، وكل شيء يأتي مطلقاً في الشريعة فإنه يرجع فيه إلى العرف، وفي المنظومة الفقهية وكلُّ ما أتى ولم يحددبالشرع كالحرز فبالعرف أحدد فالإكرام إذاً ليس معيناً بل ما عدّه الناس إكراماً، ويختلف من جار إلى آخر، فجارك الفقير ربما يكون إكرامه برغيف خبز، وجارك الغني لا يكفي هذا في إكرامه، وجارك الوضيع ربما يكتفي بأدنى شيء في إكرامه، وجارك الشريف يحتاج إلى أكثر والجار: هل هو الملاصق، أو المشارك في السوق، أو المقابل أو ماذا؟ هذا أيضاً يرجع فيه إلى العرف، لكن قد ورد أن الجار أربعون داراً من كل جانب ،وهذا في الوقت الحاضر صعب جداً. في عهد النبي أربعون داراً مساحتهم قليلة، لكن في عهدنا أربعون داراً قرية، فإذا قلنا إن الجار أربعون داراً والبيوت قصور صار فيها صعوبة، ولهذا نقول: إن صح الحديث فهو مُنَزَّل على الحال في عهد النبي ، وإن لم يصح رجعنا إلى العرف. قوله: ( وَمَنْ كَانَ يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فَليُكرِمْ ضَيْفَهُ) الضيف هو النازل بك، كرجل مسافر نزل بك، فهذا ضيف يجب إكرامه بما يعد إكراماً.

أبو هريرة هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، وكان يعرف بالجاهلية باسم عبد شمس بن صخر، وعرف بأبي هريرة لأنه كان يرعى الأغنام وهو صغير مع هرته الصغيرة التي كان يحتفظ بها في الشجر ليلاً، حيث كان يعطف عليها، ويرعاها، ويطعمها، ولد في عام 21 قبل الهجرة النبوية في قبيلة دوس، وأسلم في السنة السابعة من الهجرة عندما كان في الثامنة والعشرين من العمر، كان أبو هريرة شديد الفقر، حيث كان يربط على بطنه حجراً من شدة الجوع، وفي أحد الأيام خرج وهو جائع، فمر به أبو بكر، فسأله أبو هريرة عن تفسير آية ما، ففسرها له، وانصرف، علماً بأن أبا هريرة يعرف تفسيرها، إلا أنه أراد منه أن يصطحبه لبيته ليطعمه، فمر عليه عمر بن الخطاب، وفعل معه كما فعل مع أبي بكر، إلا أنه رد عليه كما رد أبي بكر، وانصرف، فمر على رسول الله، فعلم ما يرد، وأخذه إلى بيته، فوجد لبناً في قدح، فقال: من أين لكم هذا؟ قيل: أرسل به إليك. فقال النبي: أبا هريرة، انطلق إلى أهل الصفة؛ فادعهم، فحزن أبو هريرة، وقال في نفسه: كنت أرجو أن أشرب من اللبن شربة أتقوى بها بقية يومي وليلتي، ثم قال في نفسه: لا بد من تنفيذ أمر الرسول، وذهب إلى المسجد، ونادى على أهل الصفة، فجاءوا، فقال في نفسه: إذا شرب كل هؤلاء ماذا يبقى لي في القدح، فأتوا معه إلى بيت النبي، فقال له النبي: أبا هر، خذ فأعطهم، فقام أبو هريرة يدور عليهم بقدح اللبن يشرب الرجل منهم حتى يروى ويشبع، ثم يعطيه لمن بعده فيشرب حتى يشبع، حتى شرب آخرهم، ولم يبق في القدح إلا شيء يسير، فرفع النبي رأسه وهو يبتسم وقال: أبا هر قلت: لبيك يا رسول الله، قال: بقيت أنا وأنت قلت: صدقت يا رسول الله، فقال الرسول: فاقعد فاشرب، قال أبو هريرة: فقعدت فشربت، فقال: اشرب. فشربت، فما زال النبي يقول لي اشرب فأشرب حتى قلت: والذي بعثك بالحق ما أجد له مساغًا، فقال النبي: ناولني القدح فأخذ النبي القدح فشرب من الفضلة [ صحيح البخاري].

صوت

فيديو

الحديث (14) الحديث (16)