قوله: (قل لي في الإسلام) أي في الشريعة. قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك يعني قولاً يكون حداً فاصلاً جامعاً مانعاً. فقال له: "قُل آمَنْتُ بِاللهِ" وهذا في القلب "ثُمَّ استَقِم" على طاعته، وهذا في الجوارح. فأعطاه النبي ﷺ كلمتين: (آمَنْتُ بِاللهِ) محل الإيمان القلب (ثُمَّ استَقِم) وهذا في عمل الجوارح. وهذا حديث جامع، من أجمع الأحاديث. فقوله: (قُل آمَنْتُ) يشمل قول اللسان وقول القلب. قال أهل العلم:قول القلب:هو إقراره واعترافه. (آمَنْتُ بِاللهِ) أي أقررت به على حسب ما يجب علي من الإيمان بوحدانيته في الربوبية والألوهية والأسماء والصفات. ثم بعد الإيمان (اِستَقِم) أي سر على صراط مستقيم، فلا تخرج عن الشريعة لا يميناً ولا شمالاً. هاتان الكلمتان جمعتا الدين كله. فلننظر: الإيمان بالله يتضمن الإخلاص له في العبادة، والاستقامة تتضمن التمشي على شريعته عزّ وجل، فيكون جامعاً لشرطي العبادة وهما: الإخلاص والمتابعة.
هو سفيان بن عبد الله بن أبي ربيعة بن الحارث بن مالك بن حطيط بن جشم الثقفي (الطائفي) . له صحبة، ورواية، وكان عاملا لعمر بن الخطاب، واستعمله عمر، وأرضاه على صدقات الطائف وقيل انه قد ولي الطائف، ولقد روى خمسة أحاديث. كان أبو سفيان من أكثر الناس عداءً وبغضاً للنبي محمد ﷺ حينما جاءته الدعوة الإسلامية، حتى أنّه هجاه، وهجا صحابته، علماً أنه كان شاعراً مطبوعاً، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّه لم يتخلف عن أي معركة خاضها المشركون لقتال الرسول محمد ﷺ ، ولقتال المسلمين، خاصةً بعد هجرة النبي محمد إلى يثرب. حجّ أبو سفيان بعد وفاة النبي محمد ﷺ ، وقد حلق له الحلاق في منى، وقطع له ثألولاً في رأسه، وقد قدم إلى المدينة المنورة عام 15هـ، وحفر له قبراً في البقيع، وقد أصابه مرض الثألول الذي قطعه الحلاق فمات بعد وفاة أخيه نوفل بأربعة أشهر، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الخليفة عمر بن الخطاب قد صلّى عليه بعد موته، ودفنوه في قبره.