عن النواس بن سمعان رضي الله عنهما ، عن النبي ﷺ قال: (البر حسن الخلق ، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس ) .رواه مسلم.وعن وابصة بن معبد رضى الله عنه ، قال : أتيت رسول الله ﷺ ، فقال : (جئت تسأل عن البر و الإثم ؟) قلت : نعم ؛ قال : (استفت قلبك ؛ البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن اليه القلب ، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر ، وإن أفتاك الناس وأفتوك) .حديث حسن
قوله: ( البر) أي الذي ذكره الله تعالى في القرآن فقال (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ) والبر كلمة تدل على كثرة الخير . قوله: (حسن الخلق ) أي حسن الخلق مع الله ، وحسن الخلق مع عباد الله ، فأما حسن الخلق مع الله فان تتلقي أحكامه الشرعية بالرضا والتسليم ، وأن لا يكون في نفسك حرج منها ولا تضيق بها ذرعا وأيضا حسن الخلق مع الله في أحكامه القدرية وتقوم بما أمرت به وتنزجر عما نهيت عنه . أما حسن الخلق مع الناس فقد سبق أنه : بذل الندى وكف الأذى والصبر على الأذى ، وطلاقة الوجه . وهذا هو البر والمراد به البر المطلق ، وهناك بر خاص كبر الوالدين مثلا وهو الإحسان إليهما بالمال والبدن والجاه وسائر الإحسان . وهل يدخل بر الوالدين في قوله (حسن الخلق) ؟ فالجواب : نعم يدخل. قوله: (والإثم ) هو ضد البر لأن الله تعالى قال : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثم وَالْعُدْوَانِ) فما هو الإثم ؟ قوله: (الإثم ما حاك في نفسك) أي تردد وصرت منه في قلق (وكرهت أن يطلع عليه الناس) لأنه محل ذم وعيب ، فتجدك مترددا فيه وتكره أن يطلع الناس عليك وهذه الجملة إنما هي لمن كان قلبه صافيا سليما ، فهذا هو الذي يحوك في نفسه ما كان إثما ويكره أن يطلع عليه الناس . أما المتمردون الخارجون عن طاعة الله الذين قست قلوبهم فهؤلاء لا يبالون ، بل ربما يتبجحون بفعل المنكر والإثم ، فالكلام هنا ليس عاما لكل أحد بل هو خاص لمن كان قلبه سليما طاهرا نقيا.
نواس بن سمعان نَوَّاسُ بن سِمْعَان بن خالد بن عَمرو بن قُرْط بن عبد اللّه بن أَبي بكر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صَعْصَعَة العامري الكلابي، معدود في الشاميين. يقال: إِن أَباه "سِمْعان بن خالد" وفد على النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فدعا له، وأَهدى إِلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم نعلين، فقبلهما. وزَوَّج أُخته من النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فلما دخلت على النبي صَلَّى الله عليه وسلم تَعَوَّذت منه، فتركها وهي الكلابية. وقد اختلفوا في المتعوذة كثيرًا. روى النوَّاس عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم. روى عنه: جُبَير بن نفير، وبُسْر بن عبيد اللّه، وغيرهما. وابصة بن معبد وابصة بن معبد بن عتبة بن الحارث بن مالك بن الحارث بن قيس بن كعب بن سعيد بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي وقال أبو حاتم هو وابصة بن عبيدة ومعبد لقب أبو سالم ويقال أبو الشعثاء يقال أبو سعيد وفد على النبي صلى الله عليه و سلم سنة تسع وروى عن النبي صلى الله عليه و سلم وعن بن مسعود وأم قيس بنت محصن وغيرهم روى عنه ولداه سالم وعمر وزر بن حبيش وشداد مولى عياض وراشد بن سعد وزياد بن أبي الجعد وغيرهم ونزل الجزيرة فروى أبو علي الحراني في تاريخ الرقة من طريق عبيد الله بن عمرو الرقي حدثني أبو عبد الله الرقي وكان من أعوان عمر بن عبد العزيز قال بعث معي عمر بمال وكتب الى وابصة يبعث معي بشرط يكفون الناس عني وقال لا تفرقه الا على نهر جار فاني أخاف أن يعطشوا قال أبو علي ولا أظن هذا الا وهما لأن وابصة ما عاش الى خلافة عمر بن عبد العزيز انتهى وهو كما ظن وقال لعله كان في الأصل ان بن وابصة.